قال تعالى:
يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن "9" (سورة
التغابن)
هو الذي جمع الكمالات كلها ذاتاً، ووصفاً، وفعلاً. فليس كذاته
ذات، ولا كصفاته صفات، ولا كفعله فعل، وسبحان جامع الناس ليوم لا ريب فيه. و"يوم
الجمع" هو يوم القيامة، وسمي بذلك لأن الله تعالى يجمع فيه بين الأولين والآخرين،
ومن الإنس والجن، وجميع أهل السماء والأرض، وبين كل عبد وعمله، وبين الظالم
والمظلوم، وبين كل نبي وأمته، وبين ثواب أهل الطاعة وعقاب أهل المعصية.
قال
تعالى:
الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلي يوم
القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثاً "87" (سورة النساء)
فليس
هناك إله آخر سيأتي ليتدخل وينهي المسائل من خلف الخالق الأعلى سبحانه ( الله لا
إله إلا هو) أي: ليس هناك إلا سواه سبحانه، وعلى ذلك فتشريع الحق هو التشريع
الوحيد، وسوف ترجعون جميعاً إلي الله، فليس هناك إلهان، واحد يقول (افعل) و( لا
تفعل) والآخر يقول العكس، لا .. إنه إله واحد والأمر منه بـ(افعل)، هو الأمر الوحيد
لصالح الإنسان والأمر منه بـ(لا تفعل) هو الأمر الوحيد الذي يجب على المؤمن أن
يتجنبه.
يقول الحق:
لا إله إلا هو ليجمعكم إلي
يوم القيامة .. "87" (سورة النساء)
وكلمة (يجمع) تعني أن يخرجنا جماعة
من قبورنا جميعاً، ويحشرنا جميعاً أمامه، وقد تعني (يجمع) أن يخرجنا إلي جزاء يوم
القيامة، أو إلي تلقي جزاء يوم القيامة، لماذا جاء هذا القول؟ ونقول: حتى يتفحصه
العاقل فلا يأخذ انفلات نفسه من منهج الله إلا بملاحظة الجزاء على الانفلات من
المنهج، فلو أخذ نفسه منفلتاً عن منهج الله بدون أن يقدر الجزاء لكان أحمق. ولذلك
قلنا: إن الذين يسرفون على أنفسهم في المعصية لا يستحضرون أمام عيونهم الجزاء على
المعصية، ولذلك كل الجرائم إنما تتم في غفلة صاحبها عن الجزاء.
إن المجرم إنما
يرتكب جريمته وهو مقدر السلامة لنفسه، فالسارق يذهب إلي السرقة وهو مقدر السلامة،
لكن لو وضع في ذهنه أنه من الممكن أن يتم القبض عليه لما فعلها أبداً. إن الحق
سبحانه وتعالى يقول: إليك يا من تريد أن تنصرف بمنهج الاختيار الذي أعطيته لك أن
تنحرف على منهجي بألا تقدر الجزاء على هذه المخالفة، وخذها قضية واضحة واسأل: كم
ستعطيك المعصية من نفع؟ كم ستعطيك من شقاء؟ وضع الاثنين معاً في كفتي ميزان، وستعرف
أن الذي سيعطيك الخير الأبقى هو:
الله لا إله إلا
هو ليجمعنكم إلي يوم القيامة .. "87" (سورة النساء